متحف آثار كلية الآداب
تاريخ المتحف
يعد متحف الآثار بكلية الآداب أقدم متحف تعليمي بمصر إذ أنشئ عام 1945م. وذلك عقب إنشاء جامعة فاروق الأول ( الإسكندرية) بعامين ، حيث أنشئت عام 1943م . وقد كان موقع المتحف في البداية بداخل كلية الآداب منذ أن كانت تشغل قصر الأمير عمر طوسون[1] بالقرب من ترعة المحمودية في منطقة لامبروسو.
قصر الأمير عمر طوسون
وقد نقلت كلية الآداب ومعها متحفها في عام 1947/1948م إلي المبنى الذي تشغله حاليا إدارة الجامعة على الكورنيش بمنطقة الشاطبي ، وكان هذا المبنى في السابق ملجأ تابع لإرسالية الفاتيكان .
مبنى إدارة جامعة الإسكندرية
وفي عام 1957/1958م أي بعد عشر سنوات تم نقل الكلية مع متحفها مرة أخرى لتستقر في المبنى الذي تشغله حاليا في الشاطبي.
كلية الآداب ومتحف الآثار بالكلية
جاءت فكرة إنشاء المتحف مع تدفق اللقى الأثرية المكتشفة في بواكير حفائر الجامعة في الأشمونين والإسكندرية ، حيث رأى الدكتور عبد المنعم أبو بكر والدكتور آلان ويس أن الأثار التي تخرج من باطن الأرض في حفائر الجامعة يجب أن توضع في متناول الدارسين في كلية الآداب لدعم الدراسات المتعلقة بعلم الآثار بها ، وحيئنذ وجدت تلك الفكرة الترحيب في الجامعة التي كانت قد وضعت علم الآثار في مقدمة العلوم التي تسعى إلي ترسيخها أكاديميا وميدانيا.
وكان الهدف الأساسي لإنشاء المتحف هدفا تعليميا ، فضلا عن حفظ المقتنيات الأثرية في حفائر الجامعة ، فتكونت للمتحف منذ السنوات الأولى لإنشائه مجموعات ثرية تنوعت في موضوعاتها ما بين آثار تعبر عن الحياة اليومية أو الشعائر الدينية أو الطقوس الجنائزية للمصريين عبر عصور تاريخهم الممتد من العصر الفرعوني إلي العصرين البطلمي والروماني فالعصر البيزنطي ثم الإسلامي.
وفي عام 1959م قام عبد السلام عبد السلام بعد مرور عشرة سنوات من توليه أمانة المتحف بنشر الدليل الأول والوحيد للمتحف حتى الآن ،وذلك تحت رعاية محمد أحمد خلف الله –عميد كلية الآداب آنذاك ، والسيد مصطفى السيد رئيس جامعة الإسكندرية آنذاك ، ولقد توالى على إدارة متحف الكلية في الفترة من 1960 إلي 1992م كل من رشيد فاضل ومحمد عبد العزيز محمود ونادية الرافعي وعنايات محمد أحمد.
وقد مر متحف الكلية بعدة مراحل للتطوير تم فيها إعداد البنية الأساسية للمتحف وتصميمه داخليا ، فبعد زلزال عام 1992م رأى عميد كلية الآداب "الدكتور فتحي أبوعيانة"، أن الترميمات المحدودة التي يمكن إجراؤها للأجزاء المتضررة من الزلزال بالمتحف غير كافية ، لذا قرر البدء في مشروع طموح لترميم المتحف وتطويره تطويرا شاملا ، وخزنت مقتنيات المتحف مؤقتا في المتحف اليوناني الروماني حيث تم ترميم بعض القطع .
وقد واجه مشروع التطوير عدة صعوبات ومعوقات حتى عمادة الدكتور فتحي أبو راضي (2001-2004م) الذي عهد بالمشروع للمعماري يسري عزام يعاونه فريق من كلية الهندسة لإعداد التصميم المعماري والداخلي للمتحف ، وقد تم بالفعل الانتهاء من المشروع في فترة عمادة الدكتور جمال حجر (2004-2008م) ، وأصبح المبنى معدا لاستقبال مجموعته الأثرية ، وافتتح المتحف في نوفمبر عام 2007م ، وتولت السيدة آمال عبد العظيم إدارته لتكون أول مدير للمتحف بعد تجديده.
حفائر الكلية:_
رأى القائمون على أمر جامعة الإسكندرية بعد إنشائها في العام الجامعي 1942/1943م أنه يجب أن تهتم بالبحث التاريخي والأثري إلي جانب اهتمامها بالبحث العلمي والأدبي ، وذلك كي تؤدي رسالتها على الوجه الأكمل ، خاصة ما كان يتصل بالعصر البطلمي والروماني ، وتُعَدَّ مدينة الإسكندرية _التي تحتضن الجامعة_أول مراكزه في مصر وأكبرها في منطقة الشرق القديم.
ونظرا لأن البحث الأثري يحتاج إلي مجهود ضخم منظم يتناسب مع أهميته وخطورته رأى المشرفون على الجامعة، أن أصدق ما يحقق نجاحه ، هو التعاون بين الجامعة وبلدية الأسكندرية ومصلحة الآثار في هذا السبيل. ولتحقيق هذا الأمر أصدر مجلس جامعة فاروق الأول(جامعة الإسكندرية حاليا) قرارا في 27 يونيه 1943 بأن تتعاون الجامعة مع بلدية الإسكندرية ومصلحة الآثار المصرية في وضع مشروع ينظم برنامجا متكاملا للتنقيب الأثري في الإسكندرية وخارجها ، واستجابة لهذا القرار أصدر أحمد نجيب الهلالي باشا "وزير المعارف العمومية والرئيس الأعلى لجامعة فاروق الأول" ، القرار الوزاري رقم 108 في 4 يوليو 1943 الذي يقر بأن تضطلع الجامعة بهذا الدور الأكاديمي والميداني المهم.
وقد أسهمت بلدية الإسكندرية في هذا الصدد بمبلغ مالي قدره ألف جنيه خصصتها لمنطقة الأشمونين الأثرية ، أولى المناطق التي قامت الجامعة بالبحث فيها عن الأثار ، وكان الإسهام المالي لمدة خمسة مواسم جددت في سنة 1948 لخمسة مواسم أخرى ، وفي الوقت نفسه رصدت مصلحة الآثار في ميزانيتها مبلغ الف جنيه سنويا لترميم الآثار التي يكشف عنها.وقد خرجت من الكلية بعثات عديدة مثلت أحد جوانب العطاء الخصب والمثمر لكلية الآداب ، على النحو التالي:_
- حفائر الكلية بمنطقة الأشمونين:_
هي أول منطقة استقر الرأي على العمل بها وذلك في عام 1945م ، وتقع على مبعدة أحد عشر كيلو متر شمال غرب ملوي. وترجع أهميتها التاريخية والحضارية لكونها عاصمة الإقليم الخامس عشر من أقاليم مصر العليا في مصر الفرعونية .
موقع الأشمونين على خريطة مصر
وتمثل إحدى المراكز الدينية القديمة حيث كانت مركزا لـرب الحكمة والعلم " تحوتي" الذي ماثله الإغريق بالإله هرمس عندهم ومن ثم، أطلقوا عليها التسمية هرموبوليس ماجنا تمييزا عن هرموبوليس الصغيرة الموجودة بالدلتا.
وقد حملت التسمية "خمنو" في اللغة المصرية القديمة نظرا لاعتقاد القوم بوجود آلهة عددها ثمانية بدأت خلق الكون في هذه المدينة ، فأطلقوا عليهم التسمية "خمنو" أي الثامون ومن هنا أطلقت التسمية على المدينة "خمنو" أي "مدينة الثامون". ثم استمرت هذه التسمية في اللغة القبطية وأصبحت "شمون" ومنها جاءت التسمية العربية "الأشمونين".
أما عن اختيار الموقع الأثري ، فقد كان لعثور علماء الحملة الفرنسية (1799-1801م) على سقيفة باثني عشر عمودا من معبد "تحوت" ضمنوها الجزء الرابع من كتاب "وصف مصر" أثره في لفت الأنظار إلي الموقع .
أطلال معبد تحوت بهرموبوليس
ويغطي الركام الأثري للمدينة مسافة شاشعة يمكن ان نلحظ منها أساسات العديد من المباني ، ويطلق على مركز هذه المنطقة التسمية " كوم الكنيسة" نظرا لوجود بازيليكا_أي كنيسية أعمدتها تتخذ شكل صليبي _ من العصر المسيحي مشيدة فوق معبد بطلمي حيث تقوم فيه أعمدة من الجرانيت الأحمر في حين يرقد بعضها الآخر على أرضيته.
بازيليكا الأشمونين
ويُعَدَّ عمل بعثة كلية الآداب جامعة فاروق الأول في منطقة الآشمونين استكمالا لعمل البعثة الألمانية للآثار بالأشمونين بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حيث اشترت الكلية منزل ومنقولات البعثة الألمانية الذين كان أفرادها من الرايخ الألماني ، وأفادت بعثة الكلية مما تركته البعثة الألمانية من رسومات أثرية وأدوات للعمل.
وكان أول ما قامت به البعثة هو إتمام الكشف عن معبد الإله تحوت الذي ذكره علماء الحملة الفرنسية ، وكذلك البعثة الألمانية والتي غادرت البلاد بسبب الحرب العالمية الثانية ولم تتم اكتشافه ، فعملت به بعثة كلية الآداب حتى أتمت اكتشافه ، وكشفت البعثة بالمعبد عن تمثالين من الحجر الجيري للإله تحوت في هيئة قرد البابون أرخا بعصر الفرعون أمنحوتب الثالث من الأسرة الثامنة عشرة ، وحفظا بالمتحف.
وبجوار معبد تحوت كشفت البعثة عن أنقاض معبد يرجع لعصر الإمبراطور الروماني "دوميتيان"(81-96م).ثم نقلت بعثة الكلية في هذا الموقع أعمالها إلي منطقة كوم الكنيسة حيث كشفت عن بقايا المعبد البطلمي المقام فوقه البازيليكا المسيحية –التي أمكن ترميمها وتَعَرَّف عناصرها المعمارية وتمثل إلي الآن معلم مهما في المنطقة - ويرجع المعبد لعهد بطلميوس الثالث والملكة برنيكى الثانية ( 246-221 ق.م) التي كشف لها عن تمثال جميل من الرخام حفظ بالمتحف اليوناني الروماني . وأعمدة هذا المعبد من الحجر الجيري المشكل على الطراز الدوري والكورنثي وكانت محتفظة بألوانها الخلابة ، وترجع أهمية هذا الكشف إلي كونه أول معبد مكتشف في مصر تم بناؤه على الطراز اليوناني وليس المصري القديم كإدفو ودندرة وكوم إمبو.
كما كشفت البعثة بالمنطقة المجاورة للكنيسة عن مبنى من العصر الروماني ربما يرجع للقرن الثالث الميلادي وأعمدته من الجرانيت وذات تيجان كورنثية الطابع ، و يقع في منتصف المبنى حمام مربع الشكل ربما أقيمت حوله تماثيل من المرمر للآلهة أفروديتي ، كما عثر بداخله على خزف بطلمي وروماني وقطع عملة برونزية وبعض أدوات الحياة اليومية.
كما كشف أيضا عن تمثالين يرجع عهدهما للملك أمنحوتب الثالث (الأسرة الثامنة عشرة- عصر الدولة الحديثة) وأدوات للحياة اليومية مصنوعة من الفخار كألاواني وغيرها ، فضلا عن مجموعة من النقود محفوظة حاليا بالمتحف اليوناني الروماني (متحف البلدية) مع واحد من الأحجار ذات الطراز الكورنثي وكذا التمثال المرمري للملكة برنيكى الثانية .
وقد احتفظ متحف الكلية أيضا بالعديد من آثار منطقة الأشمونين مختلفة الأشكال والأحجام وقطع النقود البرونزية التي ترجع لعهود مختلفة منذ العصر الفرعوني وحتى العصر البطلمي الروماني.
- حفائر المستشفى الأميري:_
قامت بها الكلية عام 1945 م بإشراف الدكتور "ألن ويس" أستاذ الدراسات والآثار الكلاسيكية بالكلية ، حيث شرعت الجامعة في بناء مبنى لقسم التشريح بكلية الطب ، فانطلق فريق كلية الآداب الأثري برئاسة ألن ويس في يوليو 1944 ليستكشف الموقع الذي كان يظن انه موقع المسرح الكبير للإسكندرية القديمة الذي ردد ذكره الكتاب الكلاسيكيون ، ثم تم الحفر في الجزء الواقع إلي الشرق من المستشفى الأميري المطل على شارع شامبليون ، وكانت المنطقة مخصصة لملاعب الجامعة لكرة السلة وكرة المضرب ،وهناك كشفت مجموعة من الحصون التي بنيت في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، وهي:_
- حصن كوم الناضورة (حصن كافاريللي) وحصن كوم الدكة (حصن كربتن) وقد بناهما أحد ضباط الحملة الفرنسية.
- متراس كليوبترا، وقد بناه الفرنسيون أيضا في أثناء احتلالهم للإسكندرية ثم عني به محمد علي باشا ، وشيد مكانه قلعة محصنة اهملت وردمت ليقام حولها المستشفى الأميري ، وقد ذكرت بعض الخرائط العسكرية هذه القلعة باسم القلعة الجديدة New Lunette ، وقد أطلق عليها في النهاية اسم طابية اليهودي نسبة إلي مدافن اليهود بها.
كشفت الحفائر جزءًا من جبانة اليهود حيث عثر على أكثر من 45 مقبرة تمتد في تاريخها فيما بين القرنين العاشر والسابع عشر الميلاديين ، وأسفل هذه المقابر وصل الحفارون إلي أعماق كبيرة ظهرت بها طبقات أثرية متتابعة تحوي لقى من أدوات تلك الطبقات تأريخا واضحا ، وهو أمر ذو أهمية بالغة في إطار الفهم الصحيح لطبوغرافية الإسكندرية القديمة ، فعلى عمق 7.5-8 م كشفت أرضية معبدة بكتل من الحجر الجيري ترجع إلي القرن الرابع الميلادي ، وأسفلها على عق 9م كشفت أرضية أخرى ترجع إلي القرن الثاني الميلادي.
وقد كشفت الحفائر في الجزء الشمالي من هذه المساحة وبجوار التابوت الجرانيتي الذي دفن به تشيس باشا ، كشف بئر بعمق 8.5م مدعم بالحجر الجيري تتفرع منه أنفاق سفلية لنقل الماء في جميع هذه العناصر كشفت كميات من الفخار المحفوظ حاليا بالمتحف من بينها قطع من فخار روماني راقي الصنع يعرف في علم الآثار بالفخار المحفوظ حاليا بالمتحف ، من بينها قطع من فخار روماني راقي الصنع يعرف في علم الآثار بالفخار المختوم Terra Sigillata يحمل بعض منه كتابات يونانية ، كما كشفت مسارج وأواني زجاجية ، والطريف أنه كشف بقايا تدل على وجود ورشة لمشغولات العظم التي تميز بها الفن السكندري ، ثم كشف حمامان رومانيان صغيران نسبيا ملحق بهما فرن لتسخين الماء.
وتجدر الإشارة أن المتحف الحربي بوزارة الدفاع الوطني آنذاك قد أوفد أحد ضباطه المتخصصين في القلاع لكتابة تقرير عن هذا الكشف من الناحية العسكرية بالاشتراك مع أساتذة قسم الآثار بكلية الآداب ، وقد صرح للجامعة بعد تلك الحفائر بالبناء فوق تلك الآثار بعد تسجيلها وردمها بعناية فكلية الطب الحالية تقوم فوق آثار العصر الروماني بالإسكندرية.
وفي عام 1964 انطلقت بعثة من الكلية يرأسها فوزي الفخراني إلي منطقة كلية الطب لإجراء مسح لقطعة من الأرض كانت الجامعة تزمع أن تشيد فيها كلية لطب الأسنان ، وهناك كشفت المجسات الأثرية عن وجود بقايا معمارية لمنشآت من العصر البيزنطي هي على الأرجح ذات طبيعة دينية ، إذ انتشلت البعثة عمودين من الجرانيت الرمادي يحمل كل منهما صليبا منحوتا ، ونقلا إلي كلية الآداب ، ومازال العمودان يقفان أمام مدخل المبنى البحري للكلية وأصبحا رمزا من رموزها.
أحد عمودى المدخل بكلية الآداب
من مكتشفات حفائر الكلية بموقع كلية طب الأسنان
وفي الفترة من 1970-1972 خرجت بعثة من الكلية يرأسها سامي شنودة إلي أرض الكركيت أمام المستشفى الأميري فكشف عن حمام روماني بني على أنقاض حمام بطلمي ملحق به بئر كان يمده بالمياه ، ولعل أهم نتائج هذه الحفائر تشير بإيضاح أن هذه المنطقة لم تكن موقع المسرح الكبير للإسكنرية كما كان يعتقد من قبل ، وإنما كانت منطقة خدمات عامة لمنطقة سكنية مجاورة كشفت عنها فيما بعد حفائر البعثة البولندية.
وقد كانت اللقى الأثرية الواردة إلي متحف الكلية من مواقع الآثار بالإسكندرية معظمها تمثل العصرين الروماني والإسلامي.
- حفائر منطقة الأهرام بالجيزة:_
تمثل جبانة الجيزة إحدى أهم جبانات العاصمة منف ولا سيما في خلال عصر الدولة القديمة لحضارة مصر الفرعونية ، وإن كانت بالطبع تستوعب كل العصور التاريخية القديمة نظرا لاحتفاظها بمكانتها الروحية والدينية والاستراتجية ، وهذه الأمور الثلاثة جعلت منها منطقة أثرية ذات امتداد شاسع ما تزال أجزاء كثيرة منه لم تمسها يد الحفر بعد.
ويمثل الجزء المعروف بالجبانة الغربية وهو عبارة عن مجموعة من المصاطب الضخمة المبنية غرب الهرم الأكبر أهم أجزاء هذه الجبانة .
ولقد كان لكلية الآداب جامعة الإسكندرية السبق بين الجامعات المصرية في الاهتمام بهذه المنطقة الأثرية حيث أخذت على عاتقها العمل في منطقة الهرم بجانب الأشمونين بهدف استكمال العمل الأثري الذي بدأ في مطلع هذا القرن وحتى عام 1949م على يد "السير فلندرز بتري" في المنطقة الجنوبية وجامعات كاليفورنيا وهارفارد وبوسطن الأمريكية في المنطقة الغربية.
وقد بدأت الجامعة حفائرها عام 1946م برئاسة الأستاذ الدكتور عبد المنعم أبو بكر في منطقة تبعد حوالي ثلاثة كيلو مترات جنوب هرم خوفو، وقد كشفت الحفائر في وقت سابق عن مقبرة لأحد نبلاء عصر الأسرة السادسة والعشرين الفرعونية (660 ق.م) ويدعى "ثاري" ، وقد ردمت هذه المقبرة حتى أعيد كشفها مرة أخرى بواسطة بعثة كلية الآداب مع ثلاثة مقابر أخرى فضلا عن العديد من قطع الأثاث الجنزي والتوابيت والمومياوات التي تعرض أصحابها لسرقة مقابرهم بواسطة لصوص المقابر في الأزمنة الغابرة.
ولقد أكدت كشوف هذه المنطقة أن مقابرها ترجع لفترة العصر المتأخر لمصر الفرعونية حيث ماجت مصر في هذه الفترة بالعناصر الأجنبية واليونانية على وجه الخصوص بداية من الأسرة السادسة والعشرين.
أما المنطقة الغربية فقد ضمنت أعمالها في الفترة من 1949-1952م كتابا ضخما يقع في 147 صفحة وكذلك 68لوحة تظهر الأجزاء المعمارية والنقوش ، فضلا عن الآثار المنقولة كالتوابيت لحوالي ست عشرة مقبرة تتخذ شكل مصطبة منقوشة وغير منقوشة لنبلاء من الدولة القديمة يرجع عهد أغلبها للأسرتين الخامسة والسادسة من عصر الدولة القديمة وتميزت بأسقفها المقبية.
أما آخر تقرير لحفائر الكلية بهذه المنقطة فقد تضمن أعمال الحفر في موسم 1983م بذات المنطقة الغربية لكنه لم يحظ بالنشر العلمي بعكس سابقيه ، و قد تضمن العثور على عدة مصاطب يبلغ طول إحداها 18م وارتفاعها مايقرب من4م.
ومن الطريف ، اكتشاف البعثة لظاهرة جديدة حوتها هذه المنطقة وهي مجموعة مقابر صغيرة الحجم لبعض الفقراء الذين حاولوا التشبه بعلية القوم في تشييد مقابر مثلهم بالمنطقة وإن كان حجمها يدل على أن إمكاناتهم المادية لم تمكنهم من هذا.
كما عثرت البعثة على مجموعة كبيرة من الطيور المحنطة لم يعرف نوعها بعد ، وجد بعضها بداخل توابيت خشبية، وأهمية هذا الأمر تكمن في عدم اشتهار منطقة الجيزة بعبادة طائر معين، الأمر الذي يجعل هذا الكشف مثار بحث لم يحسم بعد.
وما من شك أن مجموعة المصاطب بأجزائها المعمارية ونقوشها التاريخية قد ساعدت الباحثيين ولا تزال على استجلاء العديد من القضايا التي يكتنفها الغموض سواء من الناحية التاريخية أو الدينية من عهد الدولة القديمة.
موسم 1947 بمنطقة أهرامات الجيزة:_
تقع منطقة العمل على بعد 3 كيلومترات إلي الجنوب من هرم الملك خوفو ، وهي منطقة رملية تتكون من عدة تلال تبدأ من الأرض الخصبة وتمتد غربا على ارتفاعات مختلفة ، وتدل كثرة انتشار قطع الفخار فوق سطحها على أنها منطقة أثرية.
كان فلندرز بتري أول من لفت الأنظار إلي هذه المنطقة حيث قام بعمل مجسات أدت أدت إلي الكشف عن مقبرة كبيرة لأحد النبلاء يدعى " ثاري" ، وكان ذلك عام 1907م ، ودلت بعض القطع المكتشفة وقتئذ على أن هذه المقبرة ترجع إلي الأسرة السادسة والعشرين (660ق.م) ، وهو العصر الذي بدأ فيه الشعب المصري يختلط بالشعب الإغريقي .
ولقد حدث بعد ذلك أن أهملت هذه المنطقة، كما ردمت مقبرة "ثاري" مرة ثانية ، وبقي الحال هكذا حتى عام 1942 حين اقترحت الجامعة على مصلحة الآثار المصرية إعادة الكشف عن مقبرة "ثاري" ونشر نصوصها نشرا علميا ، حيث إن "فلندرز بتري" لم يتمكن لعدة أسباب شرحها في كتابه من نشر هذه النصوص ، ولقد رصدت مصلحة الآثار لذلك مبلغا ضئيلا قدره 200 جنيه لم يكف إلا للكشف عن المقبرة ، وكذلك الكشف عن مقبرتين أُخريين لم يتم العثور فيهما على شىء نظرا لتعرضهما لسرقات لصوص المقابر ، إلا أن الحفائر أثبتت لدينا أن هذه المنطقة بأكملها ترجع إلي العصر المتأخر من التاريخ المصري القديم وهو العصر الذي سبق غزو الإسكندر لمصر.
بدأ العمل في هذا الموسم أول ديسمبر سنة 1946م في المنطقة التي تبعد حوالي 200 مترا إلي الغرب من منطقة مقبرة " ثاري" سالفة الذكر.
ويبدو أن لصوص المقابر في الأزمنة الغابرة قد عبثوا كذلك بهذه المنطقة نظرا لكثرة الجثث المحنطة الملقاة في الرمال ، وهي بلا شك قد سرقت من حجرات الدفن المنحوتة في باطن الصخر على أعماق مختلفة من سطح الارض ، ثم أحضرت ونبشت فوق الأرض وتراكمت عليها الرمال بعد ذلك ، وبقيت حتى عثر عليها ، وهي في حالة سيئة من التهشيم إذ أثرت عليها الرطوبة ، وأصبحت لا تقوى على لمس الأيدي ، إلا أنه قد عثر على جثتبن أفلتتا بأعجوبة من عبث اللصوص ووجد في كل منهما تمائم عدة بالإضافة إلي جعرانين من جعارين القلب و عُقد وآنية من الحجر الجيري الأبيض ومعلقة من المرمر صغيرة الحجم ، وكل هذه القطع وجدت بين الرمال، وأغلب الظن أنها سقطت من اللصوص في لهفة خروجهم من المنطقة بعد نبشهم للعديد من المقابر بها.
موسم حفائر من 1949-1950م:_
وبدأ فيه الحفر من 15 ديسمبر 1949م حتى 25 مايو 1950م في المنطقة الشمالية الغربية للهرم الأكبر، وقد جاء عمل كلية الآداب-جامعة الإسكندرية في هذه المنطقة استكمالا لجهود عالم الآثار "ريزنر" الذي توفى قبل استكمال أعمال الكشف عن هذه الجبانة من خلال بعثة مشتركة من جامعنى هارفرد – بوسطن.
وقد نفذ العمل على محورين ، الأول منهما كشف الضوء عن مقابر صخرية في أغلبها غير منقوشة في معظمها ، والثاني أماط اللثام عن مصاطب كبيرة معظمها يحتوى على نقوش .
مجموعة من المطصاطب المنقوشة التي كشفت عنها حفائر جامعة الإسكندرية في موسم1949-1950م
مجموعة مصاطب صخرية غير منقوشة_في الغالب- كشفت عليها حفائر جامعة الإسكندرية في موسم 1949 -1950م
تخطيط عام لحفائر جامعة الإسكندرية عام 1949 – 1950م
منظر الباب الوهمي لمصطبة ني-حتب-خنمو التي كشف عنها فى الحفائر عام 1949-1950م
موسم 1953م بمنطقة أهرام الجيزة:_
قامت بعثة كلية الآداب جامعة الإسكندرية في هذا الموسم بتكملة الجزء الذي سبق لها الكشف عنه فى الموسم السابق، وذلك بالمنطقة التي تقع إلي الشمال من مقبرة أحد النبلاء الضخمة يسمى "برسن" ، وامتدت أعمال الكشف في مربع كبير يتجه إلي الشمال وإلي الغرب من المصطبة سالفة الذكر.
وبالرغم من أن هذه المنطقة تقع عند حافة الهضبة ، أي أنها تبعد كثيرا عن الهرم، وبالتالي لم يتوقع أن يكشف عن مصاطب كبيرة ذات أهمية نظرا لأن العقيدة الجنزية في هذه الفترة تجعل أصحاب السلطة والنفوذ من الأمراء والنبلاء امتياز جعل مصاطبهم قرب المقبرة الملكية الهرمية حتى يكونوا الأقرب لمصاحبة الملك المتوفي في سياحته السماوية مع الإله رع ، فإنه مع ذلك قد عثر على عدة مصاطب ضخمة يبلغ طول الواحدة منها 18 مترا وارتفاعها ما يقرب حوالي 4 أتار ، كما أنه عثر على عدة أبواب وهمية تمتاز بصناعة متقنة ومهارة فنية عظيمة حظى أصحابها بوظائف مهمة في عصر الأسرتين الخامسة والسادسة وكانت مهمتهم الإشراف على الأوقاف الكبيرة المخصصة للمحافظة على معبدي هرم خوفو وعلى إقامة الشعائر الدينية فيهما.
ومن الظواهر الجديدة في هذه المنطقة التي تقع عند حافة هضبة الجيزة إلي الغرب من الهرم الأكبر أنها حوت بعض المصاطب التي لا تزيد في حجمها عن متر مكعب ، ويمكن عَدُّ هذه الظاهرة إحدى صور محاولة الفقير في هذه الفترة التشبه بالغني في كل المظاهر ولكن إمكاناته المادية ووضعه الاجتماعي لم يساعداه إلا على تشييد هذا البناء الصغير.
ومن الطريف أيضا أن البعثة وجدت في هذه المصاطب الصغيرة أبوابا وهمية لا تتعدى بعض الخطوط التي يصعب تبيانها كما وضعت أمامها على الأرض موائد للقرابين غاية في الصغر.
وأهم الأشياء التي وفقت البعثة في العثور عليها في هذا الموسم هي مجموعة كبيرة من الطيور المحنطة تحنيطا لا بأس به ، وضع بعضها فى توابيت خشبية و بعضها الآخر تركت بلفائفها ، ولهذا الكشف أهميته لأن منطقة الجيزة لم تعرف من قبل إله رمز إليه بطائر ما ، فآلهة جبانة الجيزة كانت في مصر الفرعونية هي " أنبو" و "وب-واوات" الذين يمثلان في شكل الكلب و "حورون" الذي يمثل في شكل أبوالهول. وقد عملت البعثة على محاولة إرسال بعض النماذج من هذه الطيور إلي المتحف الزراي لدراستها وتَعرُّف على نوعها فلهذا اهميته في إمكان الكشف عن ناحية جديدة في الديانة المصرية القديمة لم تتم إماطة اللثام عنها بعد ، ولقد عثر على هذه المجموعة الكبيرة من الطيور المحنطة في ممر طويل لمصطبة غير منقوشة يبلغ طول الممر فيها خمسة أمتار وعرضه أكثر من متر كدست هذه الطيور على إرتفاع يبلغ سمكه أكثر من متر.
ولقد أثمرت حفائر الجيزة عددا كبيرا من القطع الأثرية تمثل جزءا مهما من مقتنيات المتحف ، فهي تضم تماثيل صغيرة من الحجر الجيري والجرانيت الأسود ، ومجموعة من الأواني المصنوعة من الحجر الجيري والألبستر ، وعددا كبيرامن التمائم المتنوعة في موضوعاتها ومواد صنعها، منها المصنوع من أحجار نصف كريمة كالأوبسيديان والهيماتيت والشيست ، وكذا بعض قطع الحلي ولفائف المومياوات .
- حفائر كوم الدكة :_
هي إحدى المناطق الأثرية المهمة بالإسكندرية التي أولتها جامعة الإسكندرية أهمية خاصة لوقوعها في قلب المدينة القديمة ومتاخمة لمسجد النبي دانيال.
كوم الدكة على خريطة الإسكندرية
وقد كانت مقراً تابعاً لسلطات الاحتلال الانجليزي وتقرر إخلاؤه في مارس 1947م ، وقامت جامعة الإسكندرية باتخاذ كافة الإجراءات الخاصة بالحفر في الموقع حيث شرعت فيه بعد شهر واحد فقط من عملية الإخلاء أي في إبريل عام 1947م ، وذلك برئاسة الدكتور "ألن ويس" و "محمد عبد العزيز مرزوق".
وقد أجريت حفائر عدة في تحصينات قديمة منها حصن كوم الدكة الذي يرجع إلي عصر الحملة الفرنسية (1798-1801م) ، وقد عرف باسم متراس كيلوبترا أو طابية اليهود واتخذ قلعةً في عصر محمد علي.
وقد اقتصر الحفر في هذا الموقع على الطبقة الأثرية الأعلى وهي طبقة العصر الإسلامي التي كانت مصدرا لثروة القطع الخزفية، حيث عثر بهذه المنطقة على مجموعات من الفخار ترجع إلي العهدين الأيوبي والمملوكي ومجموعة من مسارج وأوعية مختلفة ترجع إلي عصر المماليك ، فضلا عن بعض الخزف الإيراني والتركي والشامي والفلسطيني ، ولاحظت بعثة الجامعة بعد أعمال الحفر أن عصر البطالمة والرومان لم يمثلا في هذه المنطقة ، وهو أمر له أهميته من حيث تخطيط مدينة الإسكندرية لأن كثيرين ممن تتصدوا للبحث في هذا التخطيط افترضوا وجود هذا التل بحالته الراهنة في عصر البطالمة.
وقد حقق الكشف أصداء طيبة في الخارج حتى أن متحف "فيتزويليم" Fitzwilliam بكمبردج ، قد أرسل في طلب مجموعات من فخار كوم الدكة وبعض قطع الخزف الإسلامي ، وقد وافقت إدارة الجامعة على ذلك في مقابل إرسال المتحف لمطبوعاته العلمية ، كما تمت الموافقة أيضا على إهداء قطع من الخزف مما عثر عليها إلي دار الآثار العربية(متحف الفن الإسلامي حاليا) وفي المقابل أهدت دار الآثار العربية للمتحف مجموعة من القطع من الفنين القبطي والإلامي ، في حين احتفظ متحف الكلية ببقية قطع المجموعة.
- حفائر منطقة جبل عدَّا بالنوبة :_
منطقة جبل عدَّا عبارة عن قلعة تقع على الضفة الشرقية للنيل بين قريتي فريج (ابوسمبل الشرقية) وقسطل قبالة قرية البلانة.
موقع قلعة عدا بالنوبة
قامت بها بعثة من الكلية مكونة من المرحومين الأستاذ الدكتور مصطفى الأمير والاستاذ الدكتور محمد أبو المحاسن عصور في مارس 1959م ، وذلك بناءًا على دعوة مصلحة الآثار لجامعة الإسكندرية للمشاركة في الحملة الدولية لإنقاذ الآثار والمواقع الأثرية النوبية التي كانت ستتعرض للغرق والضياع بسبب مشروع السد العالي وإنشاء بحيرة ناصر.
وقد انحصر نشاط البعثة في أربعة مواقع أولا: القلعة ، ثانيا:الكنيسة وجبانة النصارى، ثالثا الأكوام الأثرية المجاورة لها ، ثم رابعا مقابر المسلمين.
أولا:القلعة:عثرت البعثة في موقع القلعة القديمة على قطع خزفية مطلية ترجع للعصرين المسيحي والإسلامي محفوظة بالمتحف . أما القلعة نفسها فما تزال تحتفظ بمعظم جدرانها والعديد من الأبنية التي تضم دعائمها قطع الأحجار الضخمة المشابهة لتلك التي استخدمها الفراعنة في معابدهم ، وقد قامت البعثة بتصويرها تصويرا وثائقيا. هذا فضلا عن إزالة أنقاض مساحة لاتتعدى ألف متر مربع أكثر أجزاء الموقع إرتفاعا وفي جانبه الشرقي ، حيث وجدت عدة مبان فضلا عن أواني الفخار المحروق لحفظ الأطعمة والمشروبات ، وقد رصدت البعثة ظاهرة حفظ المتوفين_وبخاصة الأجنة_ في قدور فخارية ودفنها تحت أعتاب المنازل ، وهي العادة التي لاتزال معروفة لدى النوبيين حتى وقتنا الحاضر.
ثانيا:كنيسة وجبانة النصارى: قامت البعثة باكتشاف وترميم حوالي مئة وسبعين مقبرة كانت الجثث بداخلها جيدة الحفظ وقد عثر عليها شمال الكنيسة ضمن الجبانة التي كانت تحيط بالكنيسة من جهاتها الأربع ، بما يعادل عشر مساحة الجبانة التي يظن احتوائها على ما يربو عن 2000 مقبرة ، كانت محفورة في الصخر بعمق يستوعب لأكثر من جثة واحدة ، ومعظم الجثث وجدت محفوظة بحالة جيدة ، الأمر الذي يجعلها ذات أهمية للتعرف على العادات والطرائق الجنائزية القديمة ، وقد أخرجت البعثة مجموعة من الأواني الفخارية المحفوظة حاليا بمتحف الكلية، وتجدر الإشارة إلي العثور على نقش باللغة القبطية بإحدى الدفنات المحفوظة حاليا بالمتحف القبطي بالقاهرة.
ثالثا: الأكوام الأثرية: قامت البعثة بالعمل في ثمانية أكوام عثر فيها على جبانة مسيحية أخرى ربما أقل حجما ورفاهة من الجبانة المحيطة بالكنيسة وقد وجد بداخل هذه الجبانة مجموعة من الآواني الفخارية المزخرفة مختلفة الاشكال والأحجام ، وتختلف مقابر دفنات "جبل عدّا" بصغر حجمها مقارنة بمثيلاتها في "قسطل" الأمر الذي يجعل لبعثة آداب الإسكندرية قصب السبق على الأقل في توجيه الأنظار نحو جبانة أثرية كانت عرضة للإهمال .
رابعا:مقابر المسلمين: وهي في طبقة أعلى من منطقة الأكوام الأثرية سالفة الذكر ، والطبيعي أن يكشف عن جبانة إسلامية ، و تتميز الجبانة الإسلامية بأقبيتها المصنوعة من اللبن التي ترتفع فوق سراديب للدفن من الطوب اللبن أيضا ، ويرى بعضهم أنها ترجع للعصر الفاطمي ، والواقع أن عمل البعثة لم يكن يتضمن دراسة هذه المقابر وإن كانت قد أشارت إلي أهمية إيفاد بعثة من المتخصصين في الآثار الإسلامية لدراسة هذه الجبانة وأنماطها المعمارية ، وقد كانت هذه الجبانة مصدرا للكثير من المقتنيات الفاطمية الموجودة بالمتحف.
- حفائر الكلية بمنطقة كوم فرين :_
تقع منطقة كوم فرين بمركز الدلنجات في محافظة البحيرة ، وهي أرض لسفاجو الواقعة بين ترعتي أبودياب وفرهاش بالإقليم الثالث لمصر السفلى على حدود الصحراء الليبية ، وقد كشف بالمنطقة عام 1964م عن جبانة أثرية تعود للعصر الصاوي(664-525ق.م).
مركز الدلنجات – محافظة البحيرة
وقد قام الأستاذ الدكتور رشيد سالم الناضوري بعمل حفائر بالمنطقة،وذلك لمدة موسم واحد سنة 1970م ، وترجع أهمية منطقة "كوم فرين" أثريا لوجود مدينة كاملة تحتها بمساحة حوالي تسعمائة فدان تنتظم في جزئين أحدهما خاص بمساكن الأهالي والحاكم والمعابد الإلهية والجزء الآخر خاص بالموتى.
ويلقى هذا الكشف الذي قامت به البعثة المصرية الضوء على بعض طبقات المجتمع المصري أكثر مما يتجه إلي الكشف عن آثار الحكام في فترة العصر المتأخر من مصر الفرعونية التي ماج فيها المجتمع المصري بالعناصر الأجنبية مثل الليبية والنوبية والآشورية والفارسية واليونانية والتي انعكس وجودها على المجتمع المصري وعطائه الحضاري وتم الكشف عن ما يقرب من ست عشرة مقبرة عثرت فيها البعثة على العديد من المخلفات الأثرية مثل توابيت فخارية عبارة عن إناء أو اثنين وضعت بداخلها جثث الموتى ، كما عثر على كسوات جصية على شكل توابيت تحمل الشكل الإنساني Anthropoid ، حيث كانت بعض الدفنات تلف في لفائف مقواة بالجص الملون تعرف بلفائف الكارتون Cartonnage ، ودفنات أخرى في توابيت ذات أغطية منزلجة Slipper Coffins.وكذلك عثر على أوانٍ فخارية مصقولة ومزخرفة يغلب عليها السمات الفنية اليونانية والرومانية الطابع ، وعثر أيضا على حلي جنائزية ومجموعة من تماثيل الأوشابتي ، وكذلك عُثِرَ على دفنات وجماجم بها بقايا قطرانية كانت توضع فيها الجثة ما بين (40-70) يوما وهذا يعبر عن استمرار اعتقاد المصري القديم في ضرورة حفظ الجثة وتزويدها بكل معطيات البقاء والخلود في العالم الآخر.
وقد احتفظت الكلية في متحفها بمعظم هذه الآثار للإفادة منها في العرض والدراسة ، وترجع أهمية هذه المنطقة إلي موقعها القريب من الصحراء الليبية، الأمر الذي جعلها عرضة للعديد من الغزوات وتهديدات القبائل الليبية على الحدود المصرية فضلا عن إحراز الكلية لقصب السبق بين جامعات مصر في الاهتمام بالحفائر الأثرية بدلتا مصر والتي كانت دائما ما تحول طبيعة التربة من الكشف العلمي المنظم لهذه المناطق التي كانت لا تزال تمثل نصف مصر الآخر.
ومن أمثلة الآثار التي عثر عليها في هذا الموسم :_
- المقبرة رقم 9 : وعثر فيها على عدد من الآثار وحفظت في سجل حفائر "كوم-فرين" بمتحف الكلية في 27/4/1970 .
- المقبرة رقم (16أ) وعثر فيها على مجموعة من التماثيل المجيبة (الأوشابتي)، وهي عجيبنة القيشاني بعضها عليه نقوش هيروغليفية جنزية غائرة وعددها 83 تمثال والخالية من النقوش عددها 124 قطعة ، وبالتالي يكون إجمالي عدد الأوشابتي 207 تماثيل ، وجزء منها معروض في الحجرة رقم (3) في الفترينة رقم (5).
- مقبرة رقم 22 : عثر بها على جعران القلب من حجر الشست ذي قاعدة ملساء ليس عليها أي نقوش أو كتابة.
وقد أثمرت هذه الحفائر عن معرفة أكثر وضوحا لأحوال الطبقتين الوسطى والفقيرة من المجتمع المصري، في خلال عصر الأسرة السادسة والعشرين، وعن العلاقات بين مصر ودول حوض البحر المتواسط آنذاك.
- حفائر نقادة:_
منطقة نقادة إحدى المراكز الحضارية القديمة التي تنتمي إليها واحدة من حضارات مصر فيما قبل الأسرات الفرعونية ، ولم تكن بذاتها مركزا عمرانيا قدر كونها جبانة لإحدى عواصم الإقليم الخامس لمصر العليا ، قامت على أطلالها بلدة طوخ الحالية بمحافظة قنا على الضفة اليسرى للنيل قبالة مدينة قفط ، وكانت المدينة تقوم بها مراكز عمرانية منذ عصر ماقبل الأسرات المصرية صنعت وشكلت اللبنات الأولى لحضارة مصر الفرعونية.
موقع نقادة بمحافظة قنا
أما الموقع فمناط الاهتمام ؛ فقد كان على بعد عشرين كيلومتراً من مدينة قنا وبالقرب من قرية الزوايدة والبلاصي ، وفي الجبل الغربي على مقربة من مصطبة الملك حور-عحا والملكة نيت-حتب من الأسرة الأولى الفرعونية حيث توجد جبانة من عصري ما قبل الأسرات والأسرات المبكرة .
وقد قام بعمل حفائر بها عالم المصريات "سير فلندرزبتري" سنة 1894 -1895م ، ولم يستكمل الحفر بها ، وقد قام الأستاذ الدكتور رشيد الناضوري في خلال عامي 1971-1972م باستكمال الحفر الذي قام به "بتري" في المنطقة إذ كانت تحوي المنطقة ما يربو عن تسعمئة مقبرة قديمة تتميز بوجود رابيتين فوق مقبرة ذات أكوام(مقابر الركام) Tumili ، وقد أطلق على هذه الجبانة الرمز الاصطلاحي T ، وتم اكتشاف دفنات في أبيار غير عميقة،كانت تمثل حجرة الدفن .
وعثر على أعداد وفيرة من الأواني والأطباق الفخارية التي ينتمي بعضها لمجموعات الفخار التسع الأساسية الخاصة بحضارة نقادة ولوحات حجرية وأسلحة حجرية من حجر الظران مشكلة كأدوات ونصال ، فضلا عن العديد من الأشكال الأثرية صغيرة الحجم الذي تم حفظها وعرض بعضها بمتحف الكلية.
- حفائر منطقة وادي جواسيس :_
موقع وادي جواسيس على ساحل البحر الأحمر
امتاز النشاط المصري القديم في البحر الأحمر بأنه كان نشاطا سلميا في أغلبه ، على عكس ما كان في البحر المتوسط الذي تميز بأنه كان حربيا في أغلب الأحيان ، فقد ارتاد المصريون القدماء مناطق البحر الأحمر إما للبحث عن المعادن كما هو الحال في سيناء ،أو للحصول على السلع الثمينة من عاج وأبنوس وبخور ، وكانت هذه السلعة الأخيرة ،أي البخور، هي الدافع الأساسي لنشاط المصريين المتصل على سواحل البحر الأحمر ، حيث كانت البخور عنصرا أساسيا في طقوس الديانة المصرية القديمة سواء في المعابد أو المقابر ، فلم يكن أيَّ من هذه الطقوس يكتسب فاعليته إلا باستخدام البخور ، وبالتالي أعطى المصريون للبخور ولمصدره ولمناطق الحصول عليه أهمية قصوى.
ولقد ارتبط تاريخ النشاط المصري في البحر الأحمر بتاريخ صلاتهم مع المناطق أو البلاد التي أطلقوا عليها التسمية "بونت"،لأن هذه البلاد كانت مصدرا لسلعة البخور ، وكانت نظرة المصريين إلي هذه البلاد وسكانها ذات طابع خاص ،حيث عَدَّها المصريون موطنا لأجدادهم ونسبوا بعض آلهتهم إليها وصوَّرا سكانها على شاكلتهم نفسها ، وكانوا يخاطرون باقتحام البحر الأحمر للوصول إليها برغم صعوبة الملاحة فيه وخطورتها.
ولهذه الأسباب شغلت بلاد بونت وموقعها أذهان علماء الآثار المصرية وحاولوا العثور عليها إلا أن آراءهم وجهودهم الصادقة ظلت مجرد افتراضات نظرا لأنها لم تعتمد على أبحاث ميدانية أو دراسات حقلية مثل عمل حفائر على شواطئ البحر الأحمر نفسها ، ولعل السبب في ذلك هو وعورة مناطق البحر الأحمر وافتقارها إلي الوسائل التي تعين البعثات الأثرية على اداء مهمتها ، فضلا عن اتساع مساحتها اتساعا شاسعا وعدم وجود دلائل أو شواهد قوية ترشد البعثات إلي مواقع الحفر للبحث عن آثار فرعونية وسط هذه المساحة الشاسعة من ساحل البحر الأحمر.
أولا: خطة مشروع الحفائر وأهدافه:_
كان البحث عن موقع الميناء الذي كان المصريون ينطلقون منه في رحلاتهم في البحر الأحمر هو هدف البعثة ، حيث كانت آراء العلماء جلها مجرد افتراضات بأن يكون هذا موقع الميناء في السويس أو القصير أو ميناء القصير القديم الذي يقع شمال ميناء القصير الحالي بحوالي ثمانية كيلو مترات ، وفريق يرى أنه كان في مرسى جاسوس الواقع جنوب ميناء سفاجا بحوالي عشرين كيلو مترا .
ولقد اعتمدت جميع هذه الآراء في تحديد موقع الميناء على افتراضات لا تستند على أدلة أو حتى قرائن أثرية ، فيما عدا مرسى جاسوس الذي عثر به على لوحة من عصر الأسرة الثانية عشرة (الدولة الوسطى) وجدت بعيدا عن ساحل البحر الأحمر نحو الداخل بحوالي سبعة كيلو مترات ، وبالتحديد بداخل الوادي المسمى بوادي جاسوس وقد جاء على هذه اللوحة التي تعرف بلوحة "خنت-خاتي-ور" نسبة إلي صاحبها:"أن خنت-خاتي-ور هذا قد عاد من رحلة من بونت وأن سفنه رست في "ساوو".ويتبين من نص اللوحة أن "ساوو" هو اسم الميناء هو الذي رست عنده السفن ، وقد اتخذ العلماء من نص اللوحة دليلا على أن مرسى جاسوس هو الميناء الذي أطلقت عليه اللوحة اسم "ساوو" ، على أساس أنه أقرب ميناء إلي المكان الذي وجدت فيه اللوحة.
ولهذا السبب اتجه _الدكتور عبد المنعم عبد الحليم سيد_ لفحص معالم موقع وادي جاسوس عندما اتيحت له فرصة لزيارة الصحراء الشرقية في عامي 1974 ،1975م. وفي أواخر عام 1975 تقدم الدكتور عبد المنعم عبد الحليم سيد إلي قسم التاريخ بالكلية لإجراء مشروع حفائر في الصحراء الشرقية للبحث عن موقع هذا الميناء ، وفي أوائل مارس 1976 توجه إلي منطقة وادي جاسوس على رأس بعثة مشتركة من الكلية وهيئة الآثار المصرية لبدء الحفر.
ثانيا: الاكتشافات السابقة التي استرشدت بها البعثة لوضع خطة الحفائر:_
- لوحة خنت-خاتي-ور وعثر عليها السير جاردنر ولكنسون في الفترة مابين 1820-1826م، وهي مصنوعة من حجر البازلت الأسود وتبلغ أبعادها 52X30سم وهى مؤرخة بالسنة الثامنة والعشرين من حكم الفرعون امنمحات الثاني (ثالث ملوك الأسرة الثانية عشرة – حوالي عام 1900 ق.م) والرسوم التي في أعلى اللوحة تمثل الفرعون امنمحات الثاني يقدم قربانا من الشراب للإله "مين" رب الصحراء الشرقية ، وأسفل هذا المنظر نص هيرغليفي يشتمل على دعاء موجه من خنتخاتي-ور صاحب اللوحة إلي الإله حورس العظيم(حر-ور) وإلي الإله مين ، وأسفل ذلك مثل "خنتخاتي-ور" يرفع يديه إلي أعلى في وضع التعبد والابتهال للآلهة ، وأمامه نقشت خمسة أسطر بالهيروغليفية تسرد ألقاب خنتخاتي-ور ووظائفه ثم تشير إلي رحلة خنتخاتي-ور ورسو سفنه في الميناء وترجمة النص كله كما يلي:"الدعاء وتقديم الصلوات إلي (إلاله) حر-ور(حورس العظيم ) وللإله مين رب قفط ، من الأمير الوراثي والحاكم ، حامل خاتم الوجه البحري ، المشرف على قاعة العدل ، خنتخاتي-ور ، بعد عودته في سلام من بونت وجيشه معه ،سليما معافى ، وقد رست سفنه في ساوو،في السنة 28".
- لوحة خنوم_حتب وقد عثر عليها ولكنسون في الفترة بين 1820-1826م وهي لوحة من حجر البازلت الداكن وتبلغ أبعادها 66x35سم ، وهي مؤرخة بالسنة الأولى من حكم الفرعون سنوسرت الثاني (رابع ملوك عصر الأسرة الثانية عشرة – حوالي عام 1895 ق .م) وقد مثل في أعلاها هذا الفرعون أمام الإله "سبد" الذي وصف على اللوحة بأنه "رب أرض الكحل" و"رب الشرق" والمقصود بأرض الكحل سيناء "تا-شست" ، وأسفل هذا المنظر نقش سطر بالهيروغليفية يسجل أن الفرعون أقام آثارا له في منطقة"تا-نثر"(أرض الآلهة) والمقصود بها في ذلك العصر الصحراء الشرقية ، وفي الجزء الأسفل من اللوحة مثل خنوم-حتب واقفا ممسكا بعصاه وصولجانه وأمامه نص هيرغليفي في أسطر راسية يسجل ألقاب خنوم حتب كما يلي:"حامل ختم الاله(الفرعون) ، المقَّرب فعلا من الملك ، المحبب اليه ، المرتبط بمحبته ، الذي في قلبه ، الذي يعرف تعليماته وينفذها بمهارة ، المخلص للملك ، الذي لا يعصى أوامر القصر أوقرارات البلاط ، الوحيد لدى الملك ، الذي نشأ في القصر (الملكي)، تلميذ حور رب الأرضين ، الذي يقدم رجال الحاشية للملك ، الذي يتوخى الدقة مثل(الإله) تحوت ،رئيس الحجاب ،خنوم-حتب".
ويلاحظ أن لوحة خنوم-حتب لا يشير نصها إلي أي نشاط بحري بخلاف لوحة خنتخاتي-ور التي يفيد مضمونها أنها كانت مقامة على شاطئ البحر الأحمر نفسه ، وقد افترض العلماء حينئذ أن مرسى وادي جاسوس هو مكان ميناء ساوو نظرا لأنه أقرب ميناء للمحطة الرومانية التي وجدت فيها اللوحة، وبالتالي فإن مكان العثور على اللوحة يضعف التحديد لذلك معرفة المكان الأصلي للوحة ستحدد بالضبط موقع ميناء ساوو ،وهناك احتمالان إما أن تكون أقيمت بالفعل في مكان العثور عليها أو أنها تم جلبها من كان آخر على ساحل البحر الأحمر وهذا المكان سيكون في هذه الحالة ميناء ساوو.
وهذان الاحتمالان حددا خطة عمل لبعثة بالحفر في المكان الذي وجدت فيه اللوحة أي في المحطة الرومانية بداخل وادي جاسوس ، للتوصل إلي نقطة مهمة هي : هل مباني هذه المحطة ترجع كلها إلي العصر اليوناني الروماني ، أم أنها تحوي أساسا أو آثارا من العصر الفرعوني وخاصة عصر الأسرة الثانية عشرة الذي ترجخ إليه اللوحة؟ فإذا انتفى وجود آثار أو مباني فرعونية في أساس هذه المحطة يصبح ذلك تأكيدا أن اللوحة منقولة من مكان آخر على ساجل البحرالأحمر كما يشير نص اللوحة ، وهنا يجب على البعثة أن تنتقل إلي ساحل البحر للبجث عن هذا المكان أو بتحديد أدق للبحث عن موقع الميناء "ساوو".
ثالثا:-مراحل عمل البعثة وحفائرها:_
- ·المرحلة الأولى: الكشف عن أساسات المحطة الرومانية في وادي جاسوس:
بدأت البعثة المرحلة الأولى ، وهي الحفر في المحطة الرومانية للوصول إلي أساسات مباني هذه المحطة ، وقد عثرت البعثة في المعبد (المبنى الغربي)_على الأجزاء السفلى من جدرانه مشيدة من كتل من الحجر الجيري المنتظمة الشكل نسبيا_ لهذه المحطة ناحية الجدار الغربي منه على أشياء متنوعة هي الوحيدة التي تحمل الطابع الفرعوني وتتسم بالطابع الديني بين ما عثر عليه في تلك المحطة ، وهي:_
- تمثال صغير قد تهشم جزؤه العلوي ويبلغ ارتفاعه حوالي 20سم وهو مصنوع من الجبس المسمى علميا Anhydrite ويبدو من هيئة الجزء المتبقي من التمثال أنه يمثل الإله مين رب الصحراء الشرقية لما تدل على ذلك وقفته المنتصبة المعروفة ، وخلف شكل الإله نحت شكل طائر يحيط الإله بجناحيه ،وربما يمثل الصقر الذي يرمز للإله حور أو أنثى النسر التي ترمز للآلهة نخبت .
- مائدة قربان مصرية الطابع مصنوعة من الحجر الجيري ، وقد ضاع نصفها وهي من طراز موائد القرابين المصرية الذي شاع في العصرين اليوناني والروماني .
كما عثر على آثار يونانية بالمبنى الغربي ، وهي :_
- كتلة من الحجر الجيري عليها بقايا كتابة يونانية يبدو أنها جزء من نص ديني
- استراكا من الفخار عليها أربعة أسطر باليونانية
وبرغم وصول البعثة إلي الأرض الحية للمعبد فلم يتم العثور في أساسات المعبد على أية بقايا لمبان أو نقوش فرعونية.
حينئذ انطلقت البعثة للحفر في المبنى الشرقي من المحطة الرومانية بوادي جاسوس ، وهو أكبر مباني هذه المحطة ويرجح أنه كان محصنا لان جدرانه تغوص بعمق متر في الأرض ، وهو بذلك يختلف عن سائر المباني التي لا تكاد جدرانها تغوص في الأرض ،وكان يحوي المساكن الخاصة بالجنود المكلفين بجراسة المحطة، ولم تعثر به البعثة على أية آثار فرعونية ، حيث عثر به على:_
- عدد 5 مسارج صغيرة من الفخار الأحمر عليها رسوم محفورة لأشكال ضفادع وهي من الطراز الذي شاع في العصر اليوناني الروماني .
- جرة من الفخار يصل ارتفاعها حوالي 50 سم أسفلها ثقب وقناة فخارية تخرج من أحد جوانبها ، وكانت مملوءة بالرماد.
ثم نقلت البعثة عملها إلي المبنى الأوسط للمحطة الرومانية ، وتبين من الكشف عنه أنه يحوي عدة أفران على هيئة جرار يبلغ قطر الجرة حوالي 40سم في المتوسط ، وبكل جرة ثقب في أسفلها وقناة فخارية تخرج من أحد جوانبها ، وكانت مملوءة بالرماد مما يرجح أن هذا المبنى يحوي أماكن الطهو الخاصة بالمحطة ، والآثار التي عثر عليها في هذا المبنى:_
- أربعة قطع استراكا من الفخار على كل منها بقايا أسطر بالكتابة الديموطيقية
- قطعة أستراكا من الفخار أيضا عليها كتابة يونانية
- قطعتان من الفخار على كل منها علامات محفورة يبدو أنها علامات الصانع أو مالك الإناء ومن الواضح أن هذه الأواني كانت لتخزين الطعام.
وقد كشفت البعثة عن أساسات مبنى صغير إلي الجنوب من المعبد مباشرة ، يغلب أنه حمام لوجود أنابيب فخارية تخترق أحد جدرانه وتنتهي عند شكل جرة بها رماد ، وهي من نوع الجرار نفسه التي سبق وصفها مما يرجح أنها فرن لتسخين المياه ، ولم تعثر به البعثة على أي شىء يذكر.
وبالتحقق من أن الآثار التي عثر عليها في مباني المحطة الرومانية لا توجد بينها آثار فرعونية ، ومن عدم وجود مبان من العصر الفرعوني في أساسات المحطة الرومانية ، حققت البعثة الهدف الأول من خطتها وهي استبعاد أن تكون أساسات هذه المحطة هي المكان الأصلي للوحتي "خنتخاتي-ور" و "خنم-حتب" ، وبالتالي يغلب أن مباني المحطة قد شيدت في العصر اليوناني الروماني في منطقة خالية من المباني أو الآثار الفرعونية ، وبالتالي فإن الشواهد تشير إلي أن اللوحتين المذكورتين قد نقلتا إلي هذه المحطة من مكان آخر ، وربما حدث هذا النقل في عصر بناء المحطة وخاصة في العصر الروماني عندما شاع نقل الآثار المصرية إلي المباني الروماني، إما لاستخدامها في البناء أو لعرضها في هذه المباني حليةً.
ولما كان أكثر الأماكن ترجيحا لأن يكون المكان الأصلي للوحة خنتخاتي-ور هو ساحل البحر ، لأن نص اللوحة يشير لرسو السفن في ميناء كما ذكرنا ، فقد كان على البعثة أن تنقل العمل من المحطة الرومانية إلي ساحل البحر.
- ·المرحلة الثانية من عمل البعثة: الحفر على ساحل البحر الأحمر والكشف عن موقع الميناء:_
كان على البعثة أن تعمل على شاطىء البحر في موقعين اثنين:
أولهما:مرسى جاسوس وهو الميناء الواقع عند مدخل وادي جاسوس الذي توجد به أطلال المحطة الرومانية حيث عثر على لوحة خنتخاتي-ور. وهو خليج صغير لرسو السفن الشراعية وربما ترجع التسمية "جاسوس" إلي العصر الإسلامي عندما كان يطلق هذا الاسم على سفن الاستطلاع والتجسس على العدو ، وكانت هذه السفن تسير ليلا وبغير ضوء ، وهو الميناء المرجح موقعاً لميناء ساوو بين علماء المصريات وبفحص المكان عبر مجموعة من المجسات على مسافات منتظمة تبين عدم وجود أي ظواهر سطحية تدل على وجود بقايا أثرية.
ثانيهما:مرسى جواسيس ويقع إلي الجنوب من مرسى جاسوس بحوالي كيلومترين ، وهو الميناء الواقع عند مدخل وادي جواسيس ، وتوحي هذه التسمية بأن هذا الميناء أكبر من ميناء مرسى جاسوس إذ يرجح أنها تشير إلي اتساع هذا الميناء لعدد من سفن الاستطلاع المسماه "جاسوس" أكثر مما يتسع له مرسى جاسوس ولو أن خليج هذا الميناء أصغر من خليج مرسى جاسوس ،ولكن ربما كان أصلح لِرُسُوِّ السفن من مرسى جاسوس ، وهذا الميناء يرجحه بعض العلماء والباحثين موقعاً لميناء فيلوتيرا الذي أنشئ في العصر البطلمي واستمر استخدامه في العصر الروماني حيث كان يمتد منه طريق نحو الداخل.
وقد تبين من فحصه_للأستاذ الدكتور عبد المنعم عبد الحليم سيد_ وجود أكوام صغيرة متناثرة وخاصة فوق الهضبة التي تحد الجانب الشمالي للخليج ويتراوح ارتفاع هذه الهضبة بين 8 و10 أمتار ، وهي تنحدر انحدارا شديدا نحو البحر من الشرق ونحو الخليج من الجنوب ، ويحدها من الغرب طريق السيارات الحالي .
وقد لاحظ الدكتور عبد المنعم عبد الحليم سيد أيضا وجود حفر صغيرة فوق الحافة الجنوبية للهضبة وبداخل هذه الحفر قطع حجرية منتظمة الشكل من نوع من الأحجار يوجد في المنطقة ويعرف جيولوجيا باسم Conglomerate وهو يشبه في شكله خلطة الخراسانة المعروفة في البناء في الوقت الحاضر ، غير أن الدكتور عبد المنعم عبد الحليم سيد وجه العمال للحفر في ملاصقة إحدى هذه القطع الحجرية والنزول في الحفر حتى أساسها ، فعثر أحدهم في الموقع رقم 10 على قطعة من الحجر الجيري على هيئة سدادة جرة كبيرة وذلك على عمق لا يزيد على نصف المتر ، ويبلغ قطر هذه القطعة حوالي 10سم ،وقد حفرت عليها نقوش هيرغليفية غائرة ، ويبدو أنها كانت جزءا من لوحة منقوشة ،ثم شكلها أحدهم في عصر لاحق لاستخدامها كسدادة إناء ، ولهذا ظهرت العلامات الهيروغليفية ناقصة حول حافتها .
وكان هذا الكشف على بساطته بارقة أمل عظيمة بالنسبة للبعثة ، فلأول مرة منذ أن بدأ العمل في المنطقة ، إذ بالبعثة تعثر على آثار فرعونية ، وعلى ساحل البحر نفسه.
وكان غير معروف تأريخ هذه القطعة بالنسبة للبعثة ، لكن سرعان ما أخرجت معاول العمال من الموقع نفسه شطفة حجرية صغيرة من الحجر الجيري لاتزيد أبعادها على 8 X 9 سم من على عمق لا يزيد على المتر من مستوى سطح الأرض ، تبين فيها اسم الفرعون سنوسرت الأول ثاني ملوك الأسرة الثانية عشرة ، وهكذا وضعت البعثة أيديها على بداية الخيط ، وهي أن البعثة الآن في موقع ميناء الأسرة الثانية عشرة .
وعقب هذا الكشف ، تم توزيع العمال للحفر في الأكواخ المتناثرة فوق الحافة الشرقية للهضبة حيث تتكاثر هذه الأكوام وتتقارب ، ولايزيد ارتفاع الكوم الواحد على المتر فعثروا في موقعين متقاربين منها على لوحات صغيرة من الحجر الجيري تتراوح أبعادها بين 8 X9 ، 25X32سم كما عثر على قطع من الحجر الجيري أيضا عليها بقايا نقوش هيروغليفية ويبلغ أبعاد أكبر هذه القطع 32X20سم ويبدو أنها كانت أجزاءً من لوحات كبيرة ، وهذه الآثار كلها وجدت على عمق لا يزيد على نصف المتر من سطح الأرض بداخل الأكوام ، ومما يؤسف له أن الرسوم والنقوش الهيروغليفية على اللوحات الصغيرة قد تآكل أغلبها بفعل الرطوبة . وقد أمكن تمييز آثار رسوم على بعضها تمثل صاحب اللوحة واقفا يتعبد وهو يشبه في ذلك وضع التعبد الذي مثل به خنتخاتي –ور على لوحته . كما أمكن تمييز كتابة مهمة على لوحة أخرى تسجل اسم صاحب اللوحة ويدعى "إي-مرو" كما تسجل الاسم "بونت"ضمن عبارة "بيا-ان-بونت" وترجمة هذه العبارة (منجم بونت) أو(مناجم بونت) ، وهذه العبارة لم تُذكر على الآثار المصرية قبل ذلك سوى مرة واحدة .
أما عن وظيفة هذه اللوحات والغرض منها ، فإنه يبدو من أوضاع التعبد التي مثل بها أصحابها ، ومن ذلكر اسم "بيا-إن-بونت" أو مناجم بونت ، أنها لوحات تذكارية أقامها أصحابها من جنود وبحارة بعد عودتهم من رحلة بحرية إلي هذه المنطقة وبعد وصولهم سالمين إلي ميناء مرسى جواسيس شكرا للآلهة على العودة السالمة .
- المرحلة الثالثة من عمل البعثة:تتبع الطريق نحو الداخل والكشف عن مقصورة"عنخو":
للكشف عن هذا الطريق ، تمهيداً لتتبع لطريق المصريين نحو وادي النيل ، اتجهت البعثة إلي وادي جواسيس في جزئه الواقع غرب طريق السيارات الحالي ، فلاحظت وجود مجموعة من الأكوام المتناثرة على الحافة الشمالية لوادي جواسيس ، وهي أكبر في حجمها من أكوام الميناء التي سبق ذكرها إذ يتراوح ارتفاعها بين متر واحد ومتر ونصف ، وتمتد هذه الأكوام نحو الغرب .
وبعمل مجسات في هذه الأكوام وحولها ، عثرت البعثة في أقرب هذه الأكوام إلي الميناء ويقع على بعد حوالي 250مترا من ساحل البحر ، على مقصورة من الحجر الجيري عليها نقوش هيروغليفية قد تآكل أغلبها بفعل الرطوبة ، وبالحفر حولها تبين أنها مكونة من ثلاث لوحات منقوشة من واجهاتها الداخلية ، ويمكن أن نطلق عليها "لوحة تذكارية على شكل مقصورة"(Memorial shrine-stela) نظرا لأنها مكونة من ثلاثة لوحات منقوشة بالهيروغليفية ، وقد ركبت في شكل مقصورة تؤدي كلها غرضا واحدا هو نفس غرض اللوحة التذكارية المذكورة نفسها في علم الآثار المصرية ، والمقصورة تواجه الجنوب ويبلغ ارتفاع مصراعها الشرقي (الأيمن)61سم ومصراعها الغربي (الأيسر)55سم ويتفق المصراعان في مقاسات العرض والسمك إذ يبلغ عرض كل منهما 45سم وسمكه 27سم أما الكتلة الخلفية للمقصورة فيبلغ ارتفاعها 52سم وعرضها 49سم وسمكها 27سم.
وتتميز مقصورة عنخو بأن لها قاعدة ذات شكل غير مألوف بين المقاصير المصرية ، والسبب في ذلك أنها تتكون من مرساتين (مفردها "مرساة" بمعنى هلب سفينة) من الحجر الجيري ، وقد وضعتا جنبا إلي جنب ، كما وُضع أسفلها مرساتان في اتجاه متعامد على اتجاه المرساتين العلويتين وهذه المراسى الأربع متشابهة في شكلها العام وفي أبعادها حيث يبلغ ارتفاع كل واحدة منهن مابين 80 و 82 سم بينما عرضها من أسفل ما بين 52 و 55 سم والسمك بين 24 و 26 سم، وتزن كل واحدة منهن 250 كجم ، ولكل مرساة ثقب في أعلاها يتراوح قطره بين 11 ،14 سم ، ويرجح أنه كان لربط الحبال التي تدلى منها المرساة في المياه ، بدليل وجود قناة عريضة لتثبيت هذه الحبال تمتد بامتداد عرض الثقب وتتجه إلي قمة المرساة ، ولكل من هذه المراسي الأربعة أيضا ثقب آخر في أسفلها وهو يختلف من مرساة لأخرى فهو مربع الشكل في المرساتين العلويتين ومستدير في المرساتين السفليتين ، ويلاحظ أن الثقب السفلي في ثلاث من هذه المراسى ينفذ في جانبين من جوانب المراسة متخذا شكل زاوية قائمة ، ومن الواضح أن وظيفته كانت لربط حبال إضافية يستعين بها الملاحون في تخليص المرساة من الصخور في قاع البحر . ولقد استخدمت هذه المراسى الأربع في بناء قاعدة المقصورة بدون تعديل يذكر سوى تسوية أحد جوانب كل مرساة لتحويل الخط المنحنى إلي خط مستقين لكي تطابق حافة المرساة مع حافة المرساة الأخرى المحاورة لها . والثقوب التي في المصراعين والكتلة الخلفية تشير إلي أنها كانت لمراسٍ قطعت ثم سويت وجعلت على شكل لوحة سميكة مستطية الشكل واستخدمت في بناء المقصورة ، وبالتالي مقصورة عنخو تتكون من سبعة مراس للسفن.
مراسي السفن التي تشكل قاعدة مقصورة عنخو
نموذج لإحدى مرساوات السفن بمقصورة عنخو
وهذه المقصورة لـ"عنخو" ويعنى اسمه(الحي) ، وكان يشغل وظيفة رئيس حجاب الفرعون سنوسرت الأول ، وقد سجل ضمن نقوشها على المصراع الشرقي(الأيمن) ، أنه قد قام برحلة إلي منطقة (بيا-بونت؟) ، وقد ذكر أيضا جملة " رصيف ميناء سوو في مقاطعة قفط" وكلمة سوو هنا تقترب في نطقها من كلمة ساوو الورادة في لوحة خنتخاتي-ور.
ولقد عثر على آثار أخرى حول المقصورة وأسفلها في الرديم ، وهي :_
- قطع من الحجر الجيري عليها أجزاء من رسوم منها ما يمثل ذراع الإله مين رب الصحراء الشرقية ومنها ما يمثل الإله حور ومنها ما يمثل رسم نسر ، ويرجح أن هذه الأجزاء كانت جزءا من القسم العلوي لواجهة المقصورة
- بعض البقايا العضوية مثل ثمرتي دوم وقطعة من حصير وقطعة من نسيج الكتان وبوصة صغيرة (يبدو أنها استخدمت فرشاةً) وأجزاء من حبال ، هذا بالإضافة إلي قطعة من حجر أبيض لامع يشبه الكوارتز عليها آثار لون أزرق يميل للاخضرار يشبه اللون الذي ما زال عالقا ببعض نقوش المقصورة ، وكذلك رؤوس مهشمة لازاميل من النحاس والبرونز ، ومن الواضح أن هذه الآثار كانت من بين الأشياء التي استخدمها الفنانون في حفر وتلوين نقوش المقصورة .
¿ المرحلة الرابعة : استكمال تتبع الطريق نحو الداخل والكشف عن لوحة انتيفوكر:
عثر على بعد حوالي 200 مترا إلي الغرب من مقصورة عنخو في أحد الأكوام على لوحة صغيرة من الحجر الجيري يبلغ ارتفاعها 50سم وعرضها 45 سم وسمكها 15سم
قام بهذه الحفائر الأستاذ الدكتور عبد المنعم عبد الحليم سيد خلال عامي 1976 – 1977م ، وشملت الحفائر مواقع متفرقة بداخل المثلث الذي تمتد قاعدته من مرسى جاسوس ( الواقع جنوب ميناء سفاجا بعشرين كيلو متر) إلي مرسى جواسيس الواقع إلي الجنوب من المرسى المذكور بكيلو مترين ، ويمتد رأس المثلث داخل وادي جاسوس سبعة كيلو مترات .
وقد أسفرت هذه الحفائر عن الكشف عن موقع ميناء مصري قديم مكانه الحالي المرفأ المسمى " مرسى جواسيس" وكان اسمه القديم "ساوو" معروفا لدى علماء المصريات ، ولكن لم يكن موقعه معروفا لديهم على وجه التحديد . وفي هذا الموقع وفي داخل الوادي المسمى وادي وجواسيس الذي يقع هذا الميناء عند مدخله تم العثور على آثار متنوعة أهمها مراسي السفن ولوحات حجرية منقوشة بكتابة هيروغليفية وكسر فخارية عليها كتابات هيراطيقية تعرف بالأستراكا Ostraca وهي مادة علمية خصبة لاستجلاء طبيعة النشاط التجاري والمجتمعي في هذا الموقع وجميع الآثار محفوظة بمتحف الكلية ، وكلها تسجل أخبار بعثات بحرية أرسلها فراعنة الأسرة الثانية عشرة ابتداء من الفرعون سنوسرت الأول (حوالي 1950 ق.م) إلي مناطق الساحل الإفريقي للبحر الأحمر التي كان المصريون القدماء يطلقون عليها "بونت" أو "بيا-بونت" والتي كانوا يستوردون منها البخور والذهب أساسا ثم السلع الأفريقية الأخرى. ويحتفظ متحف الكلية ببعض هذه القطع المهمة ، وأهم نتائج هذه الحفائر:_
- اكتشاف موقع ميناء " ساوو" وحل مشكلة تحديد موقع المنطقة التي كان المصريون القدماء يسمونها "بيا-بونت" أي منجم أو مناجم بونت ، وتبين أنها منطقة مناجم الذهب الممتدة في جنوب صحراء العتباري على الساحل الشرقي للسودان.
- العثور على المراسي التي كانت السفن المصرية تستخدمها في رحلاتها البحرية ، ةهذه المراسي مصنوعة من الحجر الجيري وهي مخروطية الشكل بها ثقبان أحدهما علوي لتثبيت الحبل الذي تدلى منه المرساة والآخر سفلي لربط الحبل الذي يمكن بواسطته تحريك المرساة من أسفل إذا التصقت بقاع البحر.
- حلت هذه الكشوف بعض المشكلات الأثرية والتاريخية:_
¿ ماهية الأشكال المخروطية المرسومة فوق مقدمات السفن القديمة التي لأثبت الكشف أنها المراسي.
¿ تحديد تاريخ حفر القناة التي كانت تربط بين النيل والبحر الأحمر من عهد الملك دارا الأول في أثناء الاحتلال الفارسي لمصر في القرن الخامس قبل الميلاد ، وبذلك لم تكن هذه القناة موجودة طوال العصر الفرعوني مما يجعل رواية الكتاب اليونان والرومان بإرجاعها لأحد فراعنة الأسرة الثانية عشرة الفرعونية لا أساس لها.
¿ مكان بناء السفن التي استخدمها المصريون في رحلاتهم في البحر الأحمر فقد كانت تبنى في مدينة "قفط" على شاطىء النيل ، ثم تفكك وتنقل على ظهور الرجال والدواب عبر الصحراء إلي موقع الميناء حيث يعاد تركيبها وساعد على هذه العملية أن هذه السفن كانت من النوع المعروف باسم السفن الخيطية أو المخيطة أي التي تستخدم الخيوط والحبال في شد وتثبيت ألواحها (مثل مركب خوفو المعروفة) بدلا من المسامير المعدنية.
ومما لاشك فيه أن هذه الحفائر قد وجهت أنظار المهتمين بدراسة الموانئ القديمة لاسيما على البحر الأحمر إلي أهمية القيام بالمزيد من الأبحاث والحفائر على ساحل البحر الأحمر مركزةً نشاط كثيف للمصريين القدماء وقد كانت جهود الدكتور عبد المنعم عبد الحليم سيد في هذا الصدد تجعله من رواد دراسات البحر الأحمر ، وقد أحدث الكشف الذي قام به صدى في العديد من الدراسات التي نشرتها الدوريات الأجنبية بانجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا فضلا عن مطبوعات اليونسكو ، ولفتت البعثة الأنظار لضرورة الخوض في مجال علم الآثار البحرية وأهمية التنقيب عن آثار مصر الغارقة واستقطب لهذا الأمر المثير من علماء الغرب للتنقيب تحت مياه البحرين الأحمر والمتوسط فحققوا انجازات ضخمة ، وكان لهذا أثره الإيجابي أيضا أن استحدثت كلية الآداب دراسة الآثار البحرية على مستوى مشهود به محليا ودوليا.
- حفائر مدينة ماريا:_
قام بها الأستاذ الدكتور فوزي الفخراني في الفترة من 1976-1981م وذلك عندما اتجه إلى الساحل الجنوبي لبحيرة مريوط على مبعدة 45 كم جنوب غربي الإسكندرية بالقرب من مدينة الهوارية الحديثة ، بحثا عن مدينة ماريا التى تردد اسمها فى المصادر الكلاسيكية ، ونجحت جهوده في الكشف عن مدينتين متجاورتين بالاسم نفسه تطلان على بحيرة مريوط التي كانت أيضا تحمل الاسم نفسه.
الأولى : مدينة فرعونية باسم "مرت" ذكرت لدى المؤرخين عاصمةً لإقليم مريوط في خلال العصر الصاوى، وكأحد الموانى المهمة على البحيرة. وقد حدد محمود الفلكى موقع المدينة من خلال ثلاثة أرصفة لموانيها ظاهرة للعيان حتى الآن. وفي العصر الفرعوني أصبحت تسمى ماريا في العصر اليوناني والروماني ، وانحدرت في القرن الثاني الميلادي إلي قرية صغيرة تقع على جزيرة في مقابل ساحل البحيرة الجنوبي كشف فيها عن مقابر وميناء وبقايا حصن من العصر الفرعوني كما كشف عن ميناء
وفى المنطقة الغربية من المدينة كشف عن جبانة ترجع إلى العصرين الفرعونى والبطلمى المبكر محفورة فى الصخر الجيرى، وإلى الشرق منها كشفت صهاريج وقنوات مياه كانت تغذى المدينة الفرعونية بالماء العذب. ويبدو أن تلك المدينة الفرعونية التى لعبت دورا مهماً فى مقاومة الاحتلال الفارسى قد هجرت فى العصر البطلمى ونزح سكانها غربا حيث أسسوا مدينة جديدة تحمل الاسم نفسه على الأرجح.
أسفرت هذه الحفائر عن اكتشاف الكثير من المنشئات العامة والخاصة التى قدمت أدلة مادية على تاريخ المدينة وأهميتها ونشاط سكانها.
الثانية: مدينة مسيحية(بيزنطية) تقع جنوب غرب طريق الهوارية وعلى بعد كيلو متر واحد من المدينة الأولى ، استمرت لفترة في العصر الإسلامي ثم اضمحلت لجفاف البحيرة وكشف فيها عن ثلاثة موانئ الشرقية منها فريدة لأنها ميناء ترانزيت كانت تسير الملاحة فيها في اتجاه واحد لاحتوائها على بوغازين ، وكشف فيها عن منازل للأغنياء على النمط اليوناني وأخرى للفقراء على النمط المصري ، وقد استخدمت فيما بعد مقابر إسلامية ومنزل الأغنياء ملحق به كنيسة ويحتوي على نظام فريد للتدفئة المركزية ومعصرة عنب لعمل النبيذ ، كما كشف عن صهاريج للمياه وشوارع مبلطة كشفت مقبرة مسيحية كبيرة ترجع إلى العصر البيزنطى، ومصنعين للنبيذ أحدهما مكتمل تقريبا ، وهما من أكمل المصانع التي كشف عنها في بلدان العالم القديم. على بعد 200 مترا شمال غرب مصنع النبيذ كشف مبنيان سكنيان يرجعان إلى العصر البيزنطى يعتقد أنهما كانا ديَريَن للرهبان المسيحيين فى المنطقة. لقد كانت ماريا تمثل أهمية خاصة نظرا لوقوعها على الطريق المؤدى إلى منطقة أبى مينا التى كان يفد إليها المسيحيون من كل صوب وحدب؛ لزيارة قبر القديس أبى مينا، تبركا به ورغبة فى الاستشفاء بمياهه. وتشير بعض النظريات الحديثة إلى أن منطقة الميناء فى ماريا هى تلك المدينة التى أمر الإمبراطور البيزنطى أناستاسيوس ( 491-518م)، بإقامتها محطة لخدمة الحجاج المسيحيين إلى أبى مينا، سواء القادمين بالسفن من الإسكندرية عبر البحيرة أو القادمين برا. وقد سميت هذه المحطة "فيلوكسنيتى Philoxenité" بمعنى: "المحبة للغرباء". إلى جانب الأرصفة الظاهرة كشف الشارع الرئيسى للمدينة المسيحية الذى تطل عليه مجموعة من المحال التجارية أمامها بوائك ، ويتكون الحانوت من جزئين الأمامي للتجارة ، والجزء الخلفي للسكنى كما كشف عن مطحنة للغلال ومخبز وحمامات ملحقة بكنائس مصحاتٍ للمرضى من المسيحين الذين وفدوا إلي ماريا في طريقهم لمدينة القديس مينا (ابو مينا) للتبرك والاستشفاء بمياهها المقدسة ، كما كشف عن مبنى للنذور فريد من نوعه مكرس للقديس مرقص .
وقد كان لهذ الكشف أصداء واسعة في الدوائر العلمية الدولية فضلا عن أن ما كشف عنه من آثار بالموقع كانت موضوعات للعديد من الرسائل العلمية.
ولقد نجحت البعثة لا فى الكشف عن تلك المدينة بكامل حدودها ومظاهرها الطبوغرافية الفريدة فحسب بل نجحت فى استجلاء جانب مهم من تاريخ النشاط العمرانى لمنطقة مريوط.
على الرغم من أهمية هذا الكشف، إلا أن متحف الكلية لم يحظ حتى الآن بأى من الآثار المكتشفة فى تلك الحفائر، وهو الأمر الذى تسعى الكلية بجد إلى تصحيحه من خلال التعاون المستمر مع وزارة الدولة لشؤون الآثار.
- حفائر بوتو :_
وهي قرية تل الفراعين بمركز دسوق التابع لمحافظة كفر الشيخ ، وقد بدأ العمل فيها عام 1982م ثمرةً لاستمرار الدور الريادي لجامعة الإسكندرية وتعاونها مع الجامعة الإقليمية الناشئة (جامعة طنطا) ، فقد قامت بعثة من آداب الإسكندرية برئاسة الأستاذ الدكتور رشيد الناضوري بدعوة من عميد كلية الآداب جامعة طنطا آنذاك الأستاذ الدكتور عمر عبد العزيز عمر باختيار موقع بوتو(تل الفراعين) ، وذلك على أساس تصور ثراء هذا الموقع الحضاري بصفته عاصمة من العواصم الإقليمية بمصر السفلى منذ فجر التاريخ وفي خلال العصر الفرعوني والعصرين البطلمي والروماني.
ويقع موقع تل الفراعين شمال شرق مدينة دسوق بحوالي اثني عشر كيلو متر وشمال قرية العجوزين بحوالي ثلاثة كيلو مترات ونصف ، ويحد الموقع من الناحية الشرقية عزية باز ومن الناحية الغربية عزبة السحماوي ، وتبلغ مساحة التل الأثري حوالي مئة وثمانين فدانا ، وهو لا يزال في صورة مجموعة من التلال تمثل :_
- موقع المدينة القديمة بمنازلها الدنيوية ومعابدها المحلية وسط الموقع تجاه الشرق.
- موقع مدينة العالم الآخر (الجبانة) بالجانب الغربي بالموقع.
وقد كشف عن عدد من الطبقات الأثرية تمثل عددا من مستويات العصر المتأخر ويتضح من فحصها أنها تمثل أنماطا مختلفة من المجتمع المصري المنتمي إلي أواخر العصر الفرعوني وبداية العصرين البطلمي والروماني ، فهناك دفنات بداخل توابيت فخارية متعددة الأشكال وهناك دفنات أكثر ثراء بداخل مقبرة مشيدة من الطوب الأحمر ، كما توجد دفنات بداخل توابيت من الرصاص ، هذا بالإضافة إلي دفنات في مقابر مبنية من الطوب الأحمر يتميز سقفها بأنه على شكل قبو ، هذا بجانب الدفنات الكائنة بداخل مقابر من الطوب اللبن ، كذلك العديد من التماثيل الحجرية والبرونزية وذلك بالإضافة إلي بعض الآثار الذهبية على هيئة وريقات شجرية.
وقد باشر قسم الآثار بآداب طنطا العمل بالموقع لعدة مواسم متتالية كشفت العديد من القطع الأثرية المهمة والتي يحتفظ بها المتحف الأقليمي للمدينة.
يتضح مما سبق كيف أسهمت كلية الآداب منذ نشأتها في الكشف عن صور شتى للحضارة المصرية والممتدة على مدار عصورها التاريخية ، وهي كشوف استمرت لعقود أربعة من العمل الدؤوب والمثمر، والتي يحتفظ المتحف بآثار تعبر عن المضمون الحضاري في كل هذه الفترات وجهود الكلية في هذه العقود من العمل.
نظام تسجيل الآثار بمناطق الحفائر:_
تحفظ الآثار المنقولة التي يعثر عليها في منطقة الحفر بمخازن خاصلة في المنطقة نفسها ، بعد تسجيلها في دفتر خاص وترقيمها بأرقام مسلسلة ووصفها وصفا علميا دقيقا وقياسها ووضع صورة لها ، وهذا السجل محفوظ بمنطقة الحفر.
ويلاحظ أن الآثار التي يعثر عليها بحفائر الكليات بجهات مصر المختلفة تكون في الأصل جميعها ملكا لمصلحة الآثار وهذه الأخيرة تقوم بعمل القسمة بينها وبين الهيئات العلمية المختلفة وتختار لنفسها مالا يوجد مثيله بالمتحف المصري ، والباقي تصرح مصلحة الآثار بنقله إلي كليات الجامعات المختلفة حيث يحفظ بها في متاحفها.
مصادر المقتنيات الأثرية من ألإهداءات والشراء
- ·الإهداءات
¿ إهداءات مصلحة الآثار
بدأت الإهداءات تتدفق نتيجة لجهود مثمرة من كل من سليمان حزين ورزق الله مكرم الله مع مصلحة الآثار التى أهدت المتحف مجموعة قيمة.
¿ إهداءات دار الآثار العربية
تولى عبد العزيز مرزوق –أمانة المتحف خلفا لنجيب ميخائيل ،وذلك عام 1947م ، وقد نجح بمساعدة المشرفيين العلميين عبد المنعم أبوبكر و أحمد فكري ، في الحصول على بعض القطع الأثرية من دار الآثار العربية بالقاهرة.
وقدمت دار الآثار العربية، التى أصبحت فيما بعد متحف الآثار الإسلامية، مجموعة أخرى من الآثار القبطية والإسلامية.
¿ إهداءات حكومة السودان الشقيق
كان لحفائر الكلية فى منطقة جبل عدَّا ودورها فى إنقاذ جزء من آثار حضارة مروى، التى كانت مهددة بالاندثار، أثر لدى حكومة السودان الشقيق فأهدت للمتحف مجموعة قيمة من الآثار التى تعبر عن امتداد النتاج الحضارى لمصر فى الجنوب.
- ·الشراء من أصحاب المجموعات الخاصة
كان القانون المصري في النصف الأول من القرن العشرين يسمح بامتلاك الأفراد للآثار بل لم يكن هناك ما يحظر تداولها في الأسواق والاتجار فيها ، فجاءت إهداءات للمتحف من بعض مثقفى الإسكندرية ممن كانت لديهم مجموعات أثرية ، وكات عملية الشراء من هؤلاء التجار تتم بعد موافقة الجامعة والسكرتارية المالية لوزارة المعارف ،وكان نجيب ميخائيل ابراهيم –أول أمين للمتحف عام1945- مهتما بتعزيز بعض مقتنيات المتحف بشراء بعض القطع الأثرية من تجار العاديات، ومن هؤلاء التجار:_
¿ أنطون بيناكى
أنطون بيناكي (Antonis Benakis ) عاش في الفترة مابين عامي 1873م-1954م ، وهو ثري ومثقف يوناني ولد ونشأ في الإسكندرية ، وكان مولعا باقتناء الآثار ، أهدى للمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية مجموعة قيمة من الآثار ، كما أهدى متحف الكلية بعض القطع الأثرية ، أما مدينته الأم آثينا فقد أهداها المتحف الضخم المعروف باسمه هناك.
¿ منصور عبد السيد منصور
كان تاجرا للعاديات بفندق شبرد بالقاهرة بتصريح رقم 85 من الحكومة المصرية ، وقد باع آثارا ذات أهمية خاصة للمتحف منها على سبيل المثال محراث فرعوني من الخشب ومحموعة من الأواني ومجموعة من التمائم ، ورأس تمثال من الجرانيت الرمادي ومحبرة من الفيانس الأزرق.
¿ ناهمان Nahman وتانو Tano
¿ توفيق سعد
هو جواهري سكندري ، وتاجر عاديات حصل من الحكومة المصرية على تصريح برقم 88 للسماح له في الاتجار بالآثار ، وقد اشترى منه السيد الدكتور نجيب ميخائيل ابراهيم الرأس الرخامية لطفل.
¿ إدوار شحاته قنواتى
هو أحد تجار الآثار بالإسكندرية ، ومنه جاءت المومياء الوحيدة المعروضة بالمتحف ، وكان قنواتي يعرض المومياء بمبلغ 250 جنيها ، ولكن حين فاوضه محرم كمال –آمين المتحف المصري آنذاك ، خفض السعر إلي 150 جنيها مساهمةً منه في إثراء متحف الكلية التعليمي.
حيث وجه خطاب من الجامعة إلي السكرتارية المالية لوزارة المعارف العمومية بالقاهرة جاء فيه(منظر رقم ) :"
حضرة صاحب العزة السكرتير المالي لوزارة المعارف العمومية
– القاهرة
أتشرف بإفادة عزتكم أن مجلس تنظيم البحث عن الآثار قرر بجلسته التي عقدت في يوم الأثنين 19 ديسمبر سنة 1949 الموافقة على شراء مومياء لمتحف كلية الآداب ترجع إلي عصر الدولة الحديثة ، ليكون نموذجا للدراسة ، وذلك في حالة اعتذار مصلحة الآثار عن إعارة المتحف المومياء المطلوبة.
وقد أفادت مصلحة الآثار بخطابها المرفقة صورته مع هذا بأنه يتعذر عليها إعارة متحف الكلية المومياء المطلوبة لعدم توفرها لديها.
ونظرا لحاجة الكلية الشديدة إليها في الدراسة . وبما أنه توجد لدى التاجر "ادوار شحاته قنواتي" بالاسكندرية مومياء في حالة جيدة من العصر المشار اليه. فقد عهدت الكلية إلي لجنة مكونة من حضرات الدكتور عبد المنعم أبوبكر أستاذ الآثار بالكلية والدكتور نجيب ميخائيل أستاذ الآثار المساعد وحضرة الأستاذ محرم كمال أمين المتحف المصري لمعاينة هذه المومياء وتقدير ثمنها.ومرفق معه تقرير اللجنة بصلاحيتها ..هذا مع التفضل بالعلم بأن التاجر كان يطلب مبلغ 250 جنيها ثمنا لها – فتمكنت اللجنة من أخذ موافقة على بيعها بمبلغ 150 جنيها.
فنرجو التفضل بالتصريح للكلية بشراء المومياء الملطوبة وفقا لقرار المجلس المشار إليه.
وتفضلوا عزتكم بقبول فائق الاحترام،،
18 فبراير 1950 السكرتير العام
نظام تسجيل الآثار بالمتحف:_
- إذاكانت الآثار معارة من المتحف المصري أو دار الآثار العربية فإنها ترد إلي متحف الكلية بكشوف بها بيانات وصور فوتوغرافية لكل قطعة منها وتحفظ الكشوف في ملف خاص موجود بالكلية.
- إذا كانت الآثار مشتراة من تاجر فإن عملية الشراء تتم بعد موافقة الجامعة والسكرتارية المالية لوزارة المعارف.
- الآثار التي يعثر عليها بالحفريات التابعة للجامعة فهي تنقل إلي المتحف بعد تكوين لجنة من بين أعضائه ممثل للمتحف المصري وآخر للمتحف الروماني ثم كبير مفتشي المنطقة التابعة لها الحفائر ، وكذلك مفتش المنطقة وكلاهما يمثل مصلحة الآثار، وتعمل محاضر بها قبل نقلها.
وفي هذه الحالات الثلاث يكون نظام القيد بمتحف الكلية كما يأتي :_
- بسجل قيد الآثار(وهو سجل وارد من مصلحة الآثار المصرية ويطبع بالمطبعة الأميرية تحت رقم 15 مطبوعات) وأرقام الصفحات مسلسلة بمعرفة المطبعة من رقم 1 – 100 والبيانات التي تقيد في هذه الصفحات هي :_
رقم مسلسل- موضع الأثر-وصف الأثر-تاريخ كشف الأثر-المادة المصنوع منها – مقاييس الأثر- المنطقة –المستكشف-رقم الأثر عند كشفه-ملاحظات عامة-صورة أو رسم الأثر.
والقيد بهذا السجل يتم بمعرفة كل من حضرات رئيس القسم والأساتذة وأمين المتحف . ويجرد سنويا بمعرفتهم ، وفي حالة وجود نقص عند الجرد تحرر فورا مذكرة وترسل للإدارة.
- فضلا عن ذلك يوجد فيش لكل قطعة مدون عليه البيانات الواردة بسجل الآثار مع لصق صورة فوتوغرافية أو رسم لها.
سيناريو العرض المتحفي بالمتحف
جاء التصميم الداخلي للمتحف متميزا وتمكن فريق من الكلية من إعداد سيناريو وتصميم للعرض ، ويقم هذا التصميم على تقسيم العرض إلي ثلاثة أجزاء رئيسية تبدأ بالعصر الفرعوني ثم العصريين البطلمي والروماني فالعصر الإسلامي ، بينما تتداخل بعض النسخ الجصية لقطع أثرية شهيرة في الأقسام الثلاثة وتنتهي بصالة صغيرة تقتصر على النسخ الجصية كبيرة الحجم.
المشروع المصري الفرنسي
وعلى الرغم من الجهود المضنية، فإن المتحف ما زال يعانى من بعض المشكلات من حيث بيئة العرض والتخزين، ومن حيث التسجيل والتوثيق لآثاره، ولعل هذه المشكلات تمثل هدفا رئيسا للمشروع المصرى – الفرنسى الجارى.
بدأ المشروع المصرى – الفرنسى لتطوير المتحف فى فبراير 2009 بمبادرة من أشرف فراج عميد كلية الآداب الحالى ومنى حجاج أستاذ الآثار بالكلية، اللذين اقترحا على مركز الدراسات السكندرية المشاركة فى دراسة ونشر مجموعات مقتنيات المتحف فى إطار اتفاقية تعاون بين الطرفين. وكانت الفكرة أن ينهض بالدراسة فريق بحثى من باحثين أكاديميين مصريين وأجانب. وهكذا تكون فريق الباحثين المتخصصين الذين شرعوا فى دراسة المجموعات المحفوظة بالمتحف. وقد ظهرت باكورة هذا الإنتاج العلمى هذا العام بنشر مجموهة الخزف الإسلامى فى العدد الأول من كتالوج المتحف باللغتين العربية والإنجليزية.
فى إطار هذا المشروع قام فريق المرممين المتخصصين من مركز الدراسات السكندرية برئاسة هناء توفيق بالتردد على المتحف مصطحبين معهم أدوات تنظيف العملة، وقاموا بتنظيف وترميم 500 قطعة عملة من عصور مختلفة كانت مخزنة بالمتحف حتى صارت معدة للإضافة إلى سجل المتحف، وجاهزة للدراسة. ثم بدأت حملة التصوير العلمى المتخصص لمقتنيات المتحف على يد كل من أشرف حسنين وأندريه بل André Pelle وتم تصوير ما يقرب من 90% من القطع. وتجدر الإشارة إلى الجهد الكبير الذى قامت به آمال عبد العظيم مدير المتحف، وأمناء المتحف: هيام محمد عبد اللطيف، عادل ماضى، حسام سالم سامى، عمرو محاسن، غادة حسن، إيمان مجدى، يوسف أسامة، ورتيبة رمضان بالإضافة إلى المساعد سعيد على أبو اليزيد، في أثناء تصوير مقتنيات المتحف وفي أثناء تنظيف العملة.
أنشأت الكلية قاعة ملحقة بالمتحف لتكون مقراً لمعمل ترميم يتبع قسم الآثار حيث يتم تدريب طلاب القسم على أعمال الترميم والصيانة، ولكى يخدم المعمل بالدرجة الأولى فى ترميم مقتنيات متحف الكلية وصيانتها، وقد تعطل تجهيز المعمل نظرا للظروف المالية القاسية التى تمر بها الجامعة.
يتعرض مقر المتحف لنسبة رطوبة مرتفعة ومتغيرة تشكل بيئة ضارة وغير ثابتة للآثار المعروضة، فضلاً عن أن الإضاءة الموجودة حالياً إضاءة حارة ذات تأثير سلبى على الآثار المعروضة. لذا دُعى فريق من الخبراء فى الترميم والحفظ من قبل المركز الفرنسى للدراسات السكندرية لمعاينة المتحف وحالة الآثار بداخله، ومنهم خبراء فى الآثار الحجرية والخشبية والنسيج. وقد سجل الفريق تقريراً بما يلزم من ترميم وحفظ. عاين المومياء نصرى اسكندر وإبراهيم بدر الخبيران فى ترميم وحفظ المومياوات، وقدما تقريراً عن حالة المومياء وما يلزمها من ترميم وإعداد فاترينة عرض معزولة ومزودة بمادة النيتروجين للحفظ. وهكذا أصبح لدينا دراسة وافية ورؤية واضحة لما يجب أن يتخذ من إجراءات فى المستقبل القريب.
أقسام المتحف:
- ·القسم المصري القديم
- ·القسم اليوناني الروماني
- ·القسم الإسلامي
اتصل بنا:
ادعم متحف الكلية
[1] عمر طوسون (8 سبتمبر 1872- 2 يناير 1944) هو الأمير محمد عمر طوسون ابن الأمير محمد طوسون باشا ابن والي مصر محمد سعيد باشا ابن محمد علي باشا رأس الأسرة العلوية.